صلاح وأرني سلوت: شرارة مبكرة في "أنفيلد"
صراع الإرادات ومن دافع عن "الملك المصري"؟
بقلم: لؤي صلاح
لم يكن أحد يتوقع أن تكون المرحلة الانتقالية في ليفربول بعد رحيل الأسطورة يورغن كلوب سلسة تماماً، ولكن لم يتوقع الكثيرون أيضاً أن تندلع الشرارة الأولى بهذه السرعة بين النجم الأول للفريق، محمد صلاح، والمدرب الجديد القادم من هولندا، أرني سلوت.
تشهد أروقة ملعب "أنفيلد" في الأسابيع الأولى من الموسم الجديد حالة من التوتر المكتوم، الذي يظهر جلياً على شاشات التلفاز، بين هداف الفريق التاريخي في عصر "البريميرليغ" ومدربه الجديد الذي يحاول فرض سلطته ونظامه الصارم منذ اليوم الأول.
جذور الأزمة:
بين رغبة النجم وانضباط المدرب
بدأت ملامح الأزمة تظهر بوضوح في عدة مناسبات تم فيها استبدال محمد صلاح قبل نهاية المباريات. المشهد الأكثر تعبيراً كان خلال مباراة تشيلسي في الجولة الأولى، ثم تكرر الأمر بشكل أكثر حدة في مباراة دوري أبطال أوروبا ضد لايبزيغ، ومباريات أخرى في الدوري.
صلاح، المعروف عنه رغبته الجامحة في اللعب كل دقيقة وتحطيم الأرقام القياسية، لم يخفِ امتعاضه. تعابير وجهه الغاضبة، وحركات جسده أثناء خروجه من الملعب وجلوسه على مقاعد البدلاء، كانت رسائل واضحة بعدم الرضا عن قرارات سلوت.
من جانبه، يبدو أرني سلوت مدرباً لا يعترف بـ "الأسماء المقدسة" داخل الفريق. فلسفته تعتمد على الانضباط التكتيكي الصارم، وتوزيع الجهد، وضمان أن كل لاعب ينفذ المنظومة بحذافيرها. بالنسبة لسلوت، استبدال صلاح هو قرار فني بحت يهدف لإراحة اللاعب أو تغيير شكل الفريق، بينما يراه صلاح تقليلاً من تأثيره أو حجباً لفرص زيادة غلته التهديفية.
جبهة الدفاع عن صلاح:
أساطير ومحللون في صف "الفرعون"
في خضم هذا التوتر المتصاعد، وبينما انتقدت بعض الجماهير ووسائل الإعلام ردود فعل صلاح واعتبرتها نوعاً من "الأنانية" التي لا تتناسب مع العهد الجديد، برزت أصوات قوية لمحللين ونجوم سابقين دافعوا بشراسة عن النجم المصري، معتبرين أن رد فعله طبيعي ومبرر.
1. ميكا ريتشاردز (نجم مانشستر سيتي السابق ومحلل سكاي سبورتس):
كان ريتشاردز من أبرز المدافعين عن صلاح. في تصريحاته التلفزيونية، أكد ريتشاردز أنه يتفهم تماماً إحباط صلاح، مشيراً إلى أن اللاعبين الكبار من طينة صلاح يمتلكون "جوعاً" لا ينتهي لتسجيل الأهداف وصناعة الفارق.
وقال ريتشاردز ما معناه: "عندما تكون لاعباً بحجم محمد صلاح، وما قدمته لهذا النادي على مدار سنوات، فإنك تكسب الحق في أن تغضب عندما يتم استبدالك. هذا ليس تمرداً، بل هو شغف ورغبة في البقاء في الملعب ومساعدة الفريق. أي مدرب يجب أن يسعد بوجود لاعب يرفض الخروج."
2. جيمي كاراغر (أسطورة ليفربول ومحلل رياضي):
على الرغم من أن كاراغر يُعرف أحياناً بانتقاداته اللاذعة، إلا أنه في هذا الموقف اتخذ جانباً متفهماً لموقف صلاح. أشار كاراغر إلى أن سلوت يحاول فرض شخصيته، لكنه حذر من الدخول في صدام مبكر مع "أيقونة" النادي.
ويرى كاراغر أن صلاح يدرك أن وقته في القمة قد لا يطول لسنوات كثيرة، ولذلك يريد استغلال كل دقيقة. واعتبر أن غضب صلاح هو "غضب صحي" نابع من عقلية الفائز، وليس تمرداً على المدرب.
3. غراهام سونيس (أسطورة ليفربول السابق):
انضم سونيس أيضاً لقائمة المدافعين، مؤكداً أن صلاح هو اللاعب الوحيد في ليفربول حالياً الذي يمكن تصنيفه كـ "نجم عالمي حقيقي" (Superstar)، وأن التعامل مع مثل هؤلاء اللاعبين يتطلب ذكاءً خاصاً من المدرب. وأشار إلى أن سلوت يجب أن يجد طريقة لاستيعاب حماس صلاح بدلاً من قمعه.
سياق العقد.. الوقود الخفي للأزمة
لا يمكن فصل هذا التوتر عن السياق العام لوضع صلاح في ليفربول، حيث يدخل موسمه الأخير في عقده الذي ينتهي في صيف 2025. كل استبدال، وكل نظرة غاضبة، يتم تفسيرها الآن في ضوء مفاوضات التجديد المتعثرة أو احتمالية الرحيل المجاني.
الخلاصة
يواجه أرني سلوت اختباره الأكبر مبكراً جداً. التحدي ليس فنياً فقط، بل هو تحدٍ في إدارة الأفراد (Man-management). صلاح ليس مجرد لاعب، هو مؤسسة كروية تمشي على قدمين في ليفربول.
المدافعون عن صلاح يرون أن على سلوت أن يتأقلم مع وجود نجم بهذا الحجم، بينما يرى معسكر المدرب أن النظام يجب أن يسود فوق الجميع. وبين هذا وذاك، يبقى موسم ليفربول مرهوناً بقدرة الطرفين على إيجاد صيغة تعايش تضمن استمرار تدفق أهداف "الملك المصري" دون الإخلال بنظام المدرب الجديد.
